

بقلم د / حسن محمد محمود
رئيس التحرير
نقل البيانات لاسلكيًا بواسطة الضوء المرئي، هي تقنية اتصالات لاسلكية ضوئية عالية السرعة، تعتمد على الضوء المرئي كوسيلة لنقل البيانات بدلا من ترددات الراديو التقليديـة الواي فاي«Wi-Fi»، وهي من أفضل الابتكارات لعام 2011 حسب ما ذكر فى مجلة التايم الأمريكية، ويرمز لهذه التقنية بمصطلح Light Fidelity «Li-Fi»، وهي من ابتكار أستاذ هندسة الاتصالات بجامعة أدنبرة باسكتلندا “هارلد هاس”.
Light Fidelity «Li-Fi» هو مشتق من تقنيــــة الاتصــــالات اللاسلكيـــة الضوئيــة optical wireless communications (OWC) والتي تستخدم الضوء من الثنائيات الباعثة للضوء (LED) كوسيلة لتوصيل شبكة، واتصالات متنقلة، عالية السرعة بطريقة مماثلة لشبكة “Wi-Fi”
«Li-Fi» هي أنظمة إضاءة عادية ظاهريا وعند تشغيل إنارة المكتب، ما إن نضع جهاز الكمبيوتر أو أي جهاز يمكن الإتصال من خلاله بالإنترنت، يشبك الجهاز بالشبكة دون الحاجة لسلك ربط أو لجهاز رسالWI FI ، 3G أو4G .
عملية نقل البيانات باستخدام تقنية «Li-Fi» تكون اكثر امان حيث انها محصورة في المساحة التي يصلها الضوء، وبالتالي لن يتم تسريبها للخارج، وهذا سيفوت الفرصة على المخترقين والمتجسسين للوصول إلى الأجهزة والهواتف لسرقة البيانات، فهذه لا تعتمد على موجات الراديو مثل باقي التقنيات الموجودة حاليا، ولكنها تعتمد على موجات الضوء المرئي، وهذا يجعل التحكم بها وتوجيهها سهل للغاية على عكس موجات الراديو التي لا يمكن التحكم بها بأي حال من الأحوال فهي في كل مكان، وقد يعتبر البعض هذه السمة عيب في هذه التقنية حيث ستكون عملية نقل البينات مقتصرة فقط على مكان محدود، إلا أن انتشار المصابيح الكهربائية في كل مكان لن يشعر المرء بقصور في هذه التقنية الجديدة
وقد جُرِّبت هذه التقنية من قبل شركات الطيران، التي تريد استخدامها لتوفير اتصال أفضل في الرحلات، كما جُربت من قبل وكالات الاستخبارات، التي تهتم في إمكانات تقنية “لاي-فاي” «Li-Fi» في نقل البيانات لاسلكيًا على نحو آمن.
تتميز «Li-Fi» بكونهـا مفيـدة في المناطـق الحساسـة الكهرومغناطيسيـة مثل كبـائن الطائـرات والمستشفيــات ومحطـات الطاقــة النوويــة دون التسبب في التداخل الكهرومغناطيسي، ينقل «Li-Fi» البيانات عبر الطيف الكهرومغناطيسي. يستخدم «Li-Fi» الضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء. بينما حذرت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية من أزمة طيف محتملة لأن شبكة Wi-Fi قريبة من السعة الكاملة، فإن «Li-Fi» لا توجد قيود تقريبًا على السعة. من المتوقع أن يكون سعر «Li-Fi» أرخص بعشر مرات من Wi-Fi
من أهم المميزات التي تقدمها تقنية «Li-Fi» هي السرعة الجبارة في نقل البيانات، فالتقنية تعتمد على موجات الضوء المرئي، ومن المعلوم أن موجات الضوء المرئي ذات تردد أكبر من تردد موجات الراديو بمقدار 10000 ضعف.
يُشار إلى أن الضوء يُستخدم بالفعل لنقل البيانات عبر شبكات الألياف الضوئية بسرعة عالية. وتقوم هذه التقنية على مبدأ توجيه ضوء على طول الألياف البصرية باستخدام الانعكاس الكلي الداخلي، على نحو يمنع فقدان أي معلومات على طول الطريق.
يمكن تشغيل شبكات «Li-Fi» في المنازل والمكاتب والغرف عن طريق مصابيح “LED” المركّبة في سقف الغرفة، التي تومض بشكل سريع جداً لا يمكن للعين المجرَّدة ملاحظتها. وهذه الومضات تشكّل كودات تقوم أجهزة الإستقبال بتحويلها إلى بيانات، لتتمكّن أجهزة الكمبيوتر وتلك المحمولة من قراءتها. في السياق عينه، يمكن إستخدام تقنية «Li-Fi» عند إطفاء الأضواء. لكن في هذه الحالة يجب إستخدام أنواع خاصة من أضواء “LED” يمكن التحكّم بشدة أضاءتها الى درجة ضئيلة لا يمكن ملاحظتها بالعين، ولكن هذا سيؤثر على سرعة نقل البيانات.
ميزات وسلبيات لتقنية «Li-Fi» ميزات مختلفة، منها سرعتها التي تصل الى 224 جيجا بايت في الثانية، ما يسمح بنقل ملفات كبيرة الحجم وبتصفّح الإنترنت والأفلام عالية الجودة بإستقرار وسرعة. على صعيد الأمان، توفر هذه التقنية نسبة أمان عالية كونها غير معرَّضة للإختراق مثل موجات الراديو. فبإعتمادها على الضوء، إنّ إستخدامها سينحصر ضمن مكان محدَّد، إضافة إلى أنها لا تنفذ عبر الجدران ما يرفع مستوى الخصوصية والأمان أيضاً. في سياق متصل، لا تقوم تقنية «Li-Fi» بالتشويش على أيٍّ من الأجهزة أو المعدات الالكترونية الحساسة كما في التقنيات التي تعتمد شبكات الراديو. لذلك قد تحلّ هذه التقنية مشكلة إستخدام الإنترنت على الطائرات وفي أماكن أخرى حساسة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن إستخدام تقنية «Li-Fi» تحت سطح الماء، كونها تعتمد الضوءَ الذي يستطيع النفاذ تحت سطح الماء لمسافات معيّنة. وفي ما يتعلّق بالتغطيــــة، من المعروف عن نقــاط الإتصال اللاسلكية لشبكات “واي فاي” أنها تغطي مسافة وسطية تصل الى 32 متراً، أما «Li-Fi» فيمكن زيادة مسافتها بزيادة عدد اللمبات ال ”LED” دون الحاجة لتجهيزات إضافية. وعلى الرغم من الميزات المتعددة، هنالك عيب كبير ما زال يواجه هذه التقنية وهو أنه لا يمكن إستخدامُها في ضوء النهار، ويجب أن يكون الوسط مظلماً بعض الشيء لكي يصل الضوء إلى المستقبل بوضوح. وبحسب الخبراء، قد تحتاج تقنية «Li-Fi» إلى سنوات قبل أن تدخل الخدمة، لكنها ستشكّل بالتأكيد مستقبل أنظمة الإتصال في السنوات المقبلة.
يتصف الإتصال بالشبكة العنكبوتية بواسطة وميض مصباح الـ LED أو موجات الضوء المرئي بالأمان. فحجب الضوء يوقف الإتصال، والبيانات لا يمكن ان تتسرب من المكتب فالجدران توقف الإشارات اللاسلكية الضوئية ، بعكس الإشارات اللاسلكية التي تستخدم إشارات الراديو Radio Waves التي تتسرب من الجدران . و تقنية «Li-Fi» تناسب الأشخاص الذين يعانون من الحساسية الكهرومغناطيسية وبالتالي فإن المدارس والمستشفيات والمراكز الصناعية الحساسة يمكنهم إستخدام هذه التقنية دون الخوف من مخاطر التشوش من تداخل الإشارات الكهرومغناطيسية مع الأجهزة والمعدات أو إشتعال المواد البيتروكيميائية.
كما يمكن عندئذ إستخدام وميض مصباح الـ LED أو موجات الضوء المرئي للإتصال بالإنترنت على الطائرات التي يمكن أن تتعرض إلى كارثة إذا تداخلت إشارات الكهرومغناطيسية مع غيرها من إشارات المعدات اللاسلكية وأجهزة الملاحة.كما أن هذه التقنية تتيح لعدد كبير من الأشخاص من الإتصال بالإنترنت في وقت واحد.
غير أن هذه التقنية لها أيضا نقاط ضعفها، فهي لا يمكن ان تتسرب من الجدران التي توقف الإشارات اللاسلكية الضوئية، هذا يعني أنه على المستخدم أن يتواجد بشكل مباشرتحت الضوء، وعلى المصباح أن يبقى مشتعلا لتأمين الإتصال بالشبكة وبالتالي فإن هذه التقنية لا يمكن أن تعمل في الهواء الطلق تحت أشعة الشمس
وحتى اليوم لا تتوفر أجهزة كمبيوتر او هاتف ذكي متناسق مع تقنية الـ «Li-Fi»، وما زال المستخدم بحاجة لجهاز إلتقاط وأرسال كبير الحجم نسبيا لتأمين الإتصال عبر موجات الضوء المرئي.
نراهن أنه في السنوات المقبلة، وحسب قول هارالد هاس، ستتوفر أساليب الإتصال اللاسلكي عبر تقنية الـ «Li-Fi» في كل مكان وبسرعة كبيرة، من خلال شرائح إتصال صغيرة أو متناهية الصغر، فنتصل بشبكة الإنترنت بسهولة في أي مكان يتوفر فيه مصباح LED مثلا مصباح بجانب السرير أو ربما مصباح السيارة.
كما اننا نراهن انه على مر العصور القادمة ستشاهد الكرة الارضية اكتشافات تكنولوجية لا حصر لها ولا من الممكن التوقع ما سوف يكون. قال الله سبحانه وتعالى “اقرأ وربك الأكرم الذى علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم” صدق الله العظيم.
.