نسخة تجريبية
شهدت ثلاثون عامًا من مفاوضات المناخ العديد من التحديات وتجاوزت الكثير من الصراعات السابقة ، حيث بذلت الدول مجهودات مضاعفة – منفصلة عن الاضطرابات الجيوسياسية الأخرى – في إبقاء المناقشات بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ، ومحاولة بلورة اتفاق باريس والمتوافق عليه من معظم دول العالم والمضى قدما فى تنفيذة. وبعد أقل ستة أشهر من الآن ، سيجتمع العالم مرة أخرى في الجولة التالية من محادثات المناخ، وهذه المره في شرم الشيخ بمؤتمر الأطراف السابع والعشرين (COP27)، والذى يعول عليه العالم فى وضع برنامجًا واضحًا للتنفيذ الفعلى لمشروعات مستدامة مع ضمان عدم نسيان الوعود التي قُطعت بمؤتمر الأطراف بجلاسكو العام الماضى أو الخلاف بشأنها بل تنفيذها بأسرع ما يمكن.
وتعد أبرز التحديات المستجدة لهذا العام والتى ستشكل وستؤثر بشكل كبير على مسارات المفاوضات هى صدمات ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، وارتفاع التضخم وتوقف النمو ، وارتفاع اسعار الطافة نتيجة غزو روسيا لأوكرانيا والذى قلب التوقعات لعام 2022 . وتأتى على رأس اولويات دول العالم دعم الاستثمار في البنية التحتية ، والتقدم في حماية الطبيعة ، وايجاد حلول لتعثر الاستجابات لتزايد عدم المساواة ، والتقليل من قيمة كفاءة الطاقة. حيث تتبلور جميع الأهداف حول الاستغناء التدريجى عن الوقود الأحفوري ، وتكثيف مصادر الطاقة المتجددة
وفى ضوء الاهتمام العالمى بقضايا التغيرات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة وتماشياً مع التطورات المتسارعة والمتغيرات والتحديات ، يأتى مؤتمر شرم الشيخ بأهداف اساسية من خلال ادماج إجراءات التصدي للتغيرات المناخية في جميع خطط وبرامج التنمية بالدول المختلفة، والعمل على وضع خطط للتنمية المستدامة تهدف الى تحقيق النمو الاقتصادى مع خفض الانبعاثات وتحقيق التنمية المستدامة في الوقت ذاته، وفيما يلى سيتم استعراض أبرز المخرجات المتوقعة لمؤتمر الأطراف القادم بشرم الشيخ.
تأتى على رأس اولويات المفاوضات السعى لسد فجوة التخفيف (mitigation gap) للمساعدة في الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية. حيث قدم العلماء تقييمًا واقعيًا لانبعاثات الدول لعام 2030 خلال مؤتمر COP26 معتمداً على الالتزامات المعلنه بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول منتصف القرن تقريبًا ، ومع ذلك فإن أهداف بعض مصادر الانبعاثات الرئيسية لعام 2030 ضعيفة جدًا لدرجة أنها لا تقدم مسارات موثوقة لتحقيقها أهدافها الصافية صفر ، مما يشير إلى «فجوة التخفيف، وهو ما تم كأحد مخرجات ميثاق جلاسكو للمناخ – النتيجة الرسمية لمؤتمر الأطراف 26 والذى دعى الدول إلى «إعادة النظر في التزاماتها وتعزيزها» بموجب اتفاقية باريس والمعروفة بالمساهمات المحددة وطنيا (NDC) ، لمواءمتها مع أهداف درجة الحرارة العالمية.
وفي قمة شرم الشيخ ، ومن خلال إطار برنامج العمل الخاص بطموح التخفيف والتنفيذ الذي تم وضعه في
COP26 يجب على الدول المتقدمة أن تقود طموح المناخ بالرغم من عدم الوفاء بوعودها المناخية والمساهمة الهائلة في أزمة المناخ، ويجب عليهم أيضًا تسريع تحولات الطاقة ، والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ، واتخاذ إجراءات قطاعية طموحة مع الوفاء بجميع التزاماتهم المالية للحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية
.
وكهدف ثانى منتظر بقمة شرم الشيخ يأتى تقديم تدفقات تمويل ذات جودة عالية وموسعة ، لا سيما للفئات الأكثر ضعفاً حيث لوحظ فشل الدول المتقدمة في تحقيق هدف 100 مليار دولار الذي وعدت بتحقيقه بحلول عام 2020 ، مما أدى إلى اتساع الفجوة التمويلية وإعاقة قدرة البلدان النامية على التخطيط لمزيد من العمل المناخي. وما نحتاجه الآن في مؤتمر شرم الشيخ هو السعى للاعلان عن أهداف تمويلية واضحة للتخفيف والتكيف، وبالنسبة للدول المتقدمة ، وخاصة مجموعة الدول الصناعية السبع (التي ستوفر الجزء الأكبر من هذا التمويل) ، للوصول إلى إجمالي 600 مليار دولار في تمويل المناخ حتى 2025 وذلك من خلال خارطة طريق لزيادة التمويل الشفاف ، الذي يسهل الوصول إليه والقائم على المنح ، وخاصة من أجل التكيف، كما يجب أن يؤدي إلى تمويل متوازن للتكيف والتخفيف بحلول عام 2025 مع التركيز على تحديد أهداف تمويلية واضحة لتعبئة القطاع الخاص والجهات الفاعلة الأخرى غير الحكومية
.
ويأتى الهدف الثالث وهو تعزيز الجهود لتنفيذ تدابير التكيف حيث قدم مؤتمر جلاسكو بعض النقاط المضيئة والأساس للبناء عليه ، بما في ذلك التقدم المحرز في الهدف العالمي للتكيف (GGA) ، وهو مكون رئيسي لاتفاقية باريس يهدف إلى تعزيز المرونة وتقليل التعرض للتأثيرات المناخية. كما أنشأ المؤتمر برنامج عمل «جلاسكو – شرم الشيخ» بشأن الهدف العالمي للتكيف لتقييم التقدم المحرز نحو هدف التكيف وتمكين تنفيذه. ومن خلال مؤتمر شرم الشيخ ، هناك حاجة إلى تعزيز العمل الوطني وتقديم تقدير أوضح لاحتياجات تمويل التكيف ، حيث يجب على الدول أيضًا إعداد خطط التكيف الوطنية واتصالات التكيف ، وهما أداتان تم إعدادهما تحت رعاية اتفاقية باريس. وتحتاج البلدان المتقدمة إلى تقديم تمويل قائم على المنح لتمويل خطط التكيف ، لا سيما من خلال صندوق التكيف وغيره من الكيانات التابعة للآلية المالية المنشأة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وكهدف اخر منتظر بقمة شرم الشيخ يأتى تأمين التمويل ضد الخسائر والأضرار (loss and damage) والذى اكتسب الزخم لمواجهة تلك القضية أثناء قمة المناخ COP26 في جلاسكو.
ومع ذلك ، على الرغم من النداء العاجل من الدول المعرضة للاضرار بسبب التغيرات المناخية، رفضت الدول المتقدمة اقتراح إنشاء مرفق جديد لتمويل الخسائر والأضرار. وتنتظر الدول فى قمة 27 COP فرصة أخرى لإنشاء آلية لتلبية هذه الحاجة الماسة وضمان عملية لتأمين تمويل كافٍ ، ويمكن الوصول إليه ، وإضافي ، ومناسب للغرض على أبعد تقدير بحلول
COP28 في عام 2023
.
وفيما يخص مواجهة آثار تغير المناخ وتعزيز قدرات التكيف خلال مؤتمر شرم الشيخ، فيأتى برنامج تعزيز حوكمة المناخ كعنصر مهم خاصة في ادارة العلاقة مع الشركاء والقطاعات المتقاطعة مع العمل المناخي والروابط المختلفة بين القطاعات، وترجمتها لحزمة من البرامج والمشروعات ، وفيما يخص تمويل المناخ يتم العمل على القطاع البنكي الأخضر والسندات الخضراء وتشجيع الاستثمار في مشروعات المناخ من خلال آليات تمويل محفزة وإشراك حقيقي للقطاع الخاص، بالإضافة إلى تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا في مجالي التخفيف والتكيف، كما تأتى البرامج والتى تتعلق بكفاءة استخدام الموارد كالمياه والطاقة وتقليل مخلفات هدر الغذاء، من خلال رفع الوعي وإجراءات ترشيد استخدام الموارد، واستنباط المحاصيل الأكثر قدرة على المواجهة.